سوف يتناول اليوم الأول الادماج واحتياجات القادة، بغض النظر عن السّن أو الجنس أو الأمّة أو القطاع، الى العمل معا لبناء الإدماج الفعلي للجميع – بما في ذلك المهمشون والذين قد يصعب عليهم الوصول الى الهياكل التقليدية.

سيناقش المشاركون في اليوم الثاني نوع القيادة اللازمة لتحقيق التغيير الدائم، كما سيفكرون في قدرتنا معا على تصوّر وتطوير واستدامة مستقبل سلمي وشامل للجميع.

يبحث مؤتمر الحمامات لهذا العام المحاور التالية

مجتمعات شاملة للجميع وسلام إيجابي

ليست ثقافة السلام غياب الحروب فقط (ما يصفه الباحث البارز في دراسات السلام جوهانس غالتونغ ب "السلام السلبي"). سينظر المشاركون في شروط "السلام الإيجابي" - استعادة العلاقات، إنشاء نظم اجتماعية تخدم احتياجات جميع السكان، وفض النزاع بطريقة بنّاءة. ولا يعني هذا في حد ذاته غياب جميع النزاعات، ففي إطار سلام إيجابي هناك اعتراف بالإمكانيات الخلاقة للنزاع أيضا وبإمكانية إدارته بطريقة بناءة عندما يحدث، ولكنه يعني غياب العنف. كيف يمكن أن يدعم تعدد الفاعلين ما يعبر عنه هامبر وكيلي (2004)[1] بأنه "رؤية مشتركة لمجتمع مترابط ومنصف ... مجتمع عادل وغير متحيّز ومنفتح ومتنوع"؟

من 1325 إلى 2129 - صوت المرأة

جاء في قرار الأمم المتحدة رقم [1]1325 الصادر في عام 2000 (من بين أمور أخرى) "الدور الهام للمرأة في منع النزاعات وحلها وفي بناء السلام، والتشديد على أهمية مشاركتها المتساوية وانخراطها الكامل ضمن جميع الجهود المبذولة للمحافظة على السلم والأمن وتعزيزهما، وضرورة رفع دورها في صنع القرار فيما يتعلق بدرء النزاعات وحلها ". وبعد أكثر من عقد من الزمن، أعاد القرار [2]2129 تأكيد الهدف المتمثل في "إذ يؤكـد مجـددا اعتزامـه تكثيـف الاهتمـام الـذي يوليه إلى المسائل المتعلقة بالمرأة والسلام والأمـن في كـل مجـالات عملـه المواضـيعية ذات الـصلة المدرجة في جدول أعماله، بما في ذلك في سـياق الأخطـار الـتي تهدد الـسلام والأمـن الـدوليين من جراء الأعمال الإرهابية". غير أن صوت المرأة كثيرا ما يكون غائبا عن حيز التفاوض الرسمي.

كما يتم تهميش النساء أيضا ولا يؤخذن مأخذ الجد في مجتمعاتهن المحلية عند تحذيرهن من علامات التطرف. تبيّن الأدلة أن زيادة العنف في المنزل أو المجتمع المحلي يمكن أن تكون علامة إنذار مبكر على حدوث مزيد من الاضطرابات، ولكن كثيرا ما يتم تجاهل ذلك أيضا. كيف يمكن للقادة أن يضمنوا أن تكون المرأة قادرة على القيام بدور ذي مغزى أثناء فترات النزاع وبعدها؟

لا شيء عنّا، من دوننا - صوت الشباب

أشارت ماتيلدا فليمنغ، المنسقة القائدة في الشبكة المتحدة لصانعي السلام الشباب، إلى أن: " ليس للشباب وحدهم ولا للأجيال الاكبر سنا بأي حال من الأحوال إجابات حول التحديات التي يواجهها العالم والمجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم. يتم إيجاد إجابات جديدة للتحديات من خلال الجمع بين رؤية الشباب اليوم وتجربة الأجيال الأكبر سنا"[1]. ومع ذلك، فانه نادرا ما يتم اشراك الشباب ودعمهم كعوامل للتغيير في بناء المجتمعات السلمية ودعم الحكم والانتقال الديمقراطي. كيف يمكننا خلق جسور بين الأجيال الأكبر سنا والأجيال الشابة لدعم المقاربات المشتركة لبناء مجتمعات أفضل حيث يكون لكبار السن والأصغر سنا مصلحة على حد السواء؟

التلاحم وإعادة الإدماج

يمكن القول أن المجتمع المتلاحم اجتماعيا يعزّز الثقة ويرفض الاقصاء ويخلق شعورا بالانتماء لجميع الأعضاء. تواجه العديد من المجتمعات المحلية في شمال أفريقيا والمملكة المتحدة الحاجة إلى إعادة إدماج المقاتلين السابقين، مع جميع التحديات التي تفرضها هذه الحاجة على الثقة والتلاحم الاجتماعي.

 على الصعيد العالمي، يقدر أن 40،000 مقاتلا أجنبيا من حوالي 110 دولة ذهبوا للقتال في العراق وسوريا. ستكون هناك حاجة إلى المقاربات العدلية والاستخباراتية لمعالجة مسألة العائدين، غير أنه يجب تخفيفها من خلال المزيد من الاستجابات التي تقودها المجتمعات المحلية، لا سيما في حالة العائدين من الشباب. كيف يمكن للقادة وصانعي السياسات موازنة الحاجة إلى حماية المجتمعات المحلية ومنع الآخرين من الانضمام إلى الجماعات المسلحة مع الرغبة في دعم وإعادة إدماج المقاتلين السابقين في المجتمع والسماح لهم بأن يكونوا جزءا من مستقبل جديد؟

اللامركزية والمشاركة والمساءلة

توزع اللامركزية السلطة السياسية والاقتصادية على نطاق أوسع بهدف زيادة القدرة على تلبية احتياجات السكان المحليين، وخاصة الأكثر فقرا أو الأكثر حرمانا. ويمكن أن تكون اللامركزية عملية صنع القرارات الاقتصادية، مثل الاستثمار أو توفير العدالة أو غيرها من الخدمات التي عادة ما يقدمها المركز. وأيا كان القطاع، فإنه من المنتظر تعزيز المساءلة نظرا للقدرة المتصاعدة على الوصول للممثلين المحليين ومساءلتهم حول سياساتهم ونتائجها.

يعتقد الكثيرون أن اللامركزية لها فوائد أخرى في تمكين الناس ليكونوا مشاركين نشطين في صنع القرار على المستوى المحلي وتمكينهم من إحداث تغيير إيجابي. وعلى الرغم من غياب حجة قاطعة، إلا أن هناك دلائل على وجود علاقة بين اللامركزية والديمقراطية، حيث يمكن للأولى تعزيز الأخيرة.

كيف يمكننا النظر في طريقة تقديم الخدمات لضمان قدرة الاشخاص على الوصول اليها والمساءلة والشمولية فعليا؟ ما هي الشروط المطلوبة محليا ووطنيا للنجاح؟

القيادة من أجل مجتمعات سلمية وشاملة للجميع

قال نيلسون مانديلا سنة 2003: "لا يحتاج من يتصرفون بأخلاق ونزاهة وثبات على المبادئ الى الخوف من القوى منعدمة الانسانية والقسوة[1]". يمكن لقادة اليوم في السياسة والمجتمع المدني والأعمال التجارية أو المجالات الأخرى أن يمارسوا نفوذا أكبر من أي وقت مضى، وذلك لسهولة تداول ما يقومون به أو ما يمتنعون عن القيام به في جميع أنحاء العالم. هل نحن بحاجة إلى إعادة النظر في ما نعنيه بالقيادة لكي يمارسوا "الأخلاق والنزاهة والثبات على المبادئ"؟ اقترح الفيلسوف روبرت ك غرينليف "قيادة الخادم" كسبيل لذلك قائلا: "يركز الخادم القائد في المقام الأول على نمو ورفاه الناس والمجتمعات التي ينتمون إليها. أما القيادات التقليدية فان عملها يتركز عادة في مراكمة وممارسة السلطة من قبل شخص في "أعلى الهرم"، قيادة الخادم تختلف عن ذلك. فالقائد الخادم يتقاسم السلطة ويضع احتياجات الآخرين أولا ويساعد الناس على التطور والأداء العالي قدر الإمكان"[2].

 كيف يمكننا أن نشجع القيادة اللازمة لبناء المجتمعات السلمية والشاملة للجميع التي نطمح اليها؟

[1]في محاضرة الصليب الأحمر البريطاني على الإنسانية ، مركز مؤتمرات الملكة إليزابيث، لندن، إنجلترا، 10 يوليه 2003

بناء الثقة الاجتماعية والسياسية

ان الثقة السياسية -عندما يقيّم المواطنون الحكومة والمؤسسات والقادة على أنها فعالة ونزيهة وصادقة -والثقة الاجتماعية -ثقة المواطنين في بعضهم البعض كمجتمع -هما وجهان لعملة واحدة، ولكي يزدهر المجتمع، يجب أن يزدهر كلاهما. إن التفاعل بين الثقة الاجتماعية والسياسية أكثر أهمية بالنسبة للبلدان الخارجة من زمن تحديات أو نزاع. لكن الثقة في المؤسسات السياسية في جميع أنحاء العالم منخفضة، والمجتمعات غير متكافئة ومتجزئة.

 

كيف يمكن للقادة في جميع قطاعات المجتمع أن يدعموا ثقافة الثقة؟

الفنون في أعقاب الأزمات

هناك اعتراف متزايد بمساهمات الفنون والثقافة في بناء السلام. فالفنون تشجع الناس على التفكير بشكل مختلف بدلا من إكراههم، وتشجعهم على التواصل والمشاركة بطرق جديدة وعلى الاعتراف بالماضي المشترك وتصور مستقبل جديد. يشير سينثيا كوهين (2005) الى أنه: "يمكن استخدام الفنون والعمل الثقافي للمساهمة في التعايش والمصالحة -سواء من خلال تسهيل المعرفة المطلوبة عن الذات والآخر، أو عن طريق دعم واستعادة القدرات المطلوبة للتصور والتعبير والتقبل والخيال ... كل هذه الأشكال يمكن أن تساعد الأعداء السابقين على تقدير إنسانية بعضهم البعض، والحداد على الخسائر، والتعاطف مع معاناة الغير والتعامل مع تعقيدات الندم والتوبة والتخلي عن المرارة والمرور الى المسامحة ". كيف يمكن للممارسين الثقافيين من شمال أفريقيا والمملكة المتحدة أن يساعدونا على إعادة تخيل أنفسنا ومجتمعاتنا، ومن خلال القيام بذلك، دعم الانتقال إلى مستقبل أفضل؟