لقد بات وجود مشهد ثقافي مضاد سمة أساسية من سمات الحياة العصرية، إذ يعطي مساحةً وقوةً للناشطين ويخاطب الأغلبية الصامتة، ويعبّر عن عدم الرضى ومعارضة أو رفض الثقافة العامة والقيم الاجتماعية السائدة. في السنوات الأخيرة، شهدت منطقة شمال أفريقيا ظهور الغرافيتي، والشعارات السياسية، وشعارات المجموعات الثورية، والرسومات المتمردة التي تحتفي بالثورات، كما يعبّر المشهد الموسيقي المتنوع عن صوت الناس. بيد أن هذه الثقافة المضادة لا تزال تتعرض إلى القمع المتزايد ولا تزال قضية حرية التعبير قضية حساسة. في المملكة المتحدة، تعاني البرامج الثقافية من التقشف في الموازنات، وتتقلص فرص مواجهة التهميش والإقصاء، بينما تتعاظم القضايا السياسية المبنية على الانتماء والهويات.
كيف تتغير المساحات؟ تلعب الثقافة والثقافة المضادة والإرث أدواراً هامةً في تعزيز الشمولية وصياغة الهويات الوطنية، وهناك وعي متنامي بأن إشراك الشباب أمر إيجابي وأساسي في مواجهة التطرف العنيف. وفي الوقت ذاته، تعرضت الثقافة التقليدية والمواقع التاريخية لهجوم عنيف بسبب وعي المتطرفين بالقوة الرمزية للإرث الثقافي، وبأن الرموز والممارسات الثقافية هي التي تحمي وتنقل إرث الحركات السياسية والوطنية.